هذه القصة نشرت في جريدة البلاد العدد 9016 إعداد عبد العزيز الحمدان
يروي هذا الشاب قصته فيقول: كنت أعمل سائقا للمسافات الطويلة وكان خط سيري ما بين جدة – المدينة وبالعكس.. وبالجهد والكفاح استطعت – بفضل الله – أن أشتري سيارة أعمل عليها وكان العمل يشتد في مواسم رمضان والحج وفي عطلة الربيع.. وأنا لا استطيع أن أواصل الليل بالنهار لأني كنت أحلم بالحياة الوردية – كما يقولون- مما أدى بي إلى استعمال الحبوب المنبهة فأصبحت أواصل السهر والسفر من ثلاثة أيام إلى خمسة دون نوم. بقيت على هذا الحال ما يقرب من سنتين جمعت خلالهما مبلغا كبيرا .. وذات يوم فكرت في الراحة فصممت على أن تكون هذه الرحلة آخر [رد] وبعدها أرتاح من هذا العناء.. وكانت إرادة الله فوق كل شيء .. ركب المسافرون السيارة وخرجنا من مدينة جدة وقطعت مسافة لا بأس بها وإذا بي أفاجأ بسيارة تمر من جواري تسير بسرعة جنونية أحسست بداخلي بأن أمرا ما سوف يحدث.. وبالفعل فما هي إلا لحظات حتى رأيت السيارة المذكورة وهي تتقلب أمامي.. ومع تقلبها كنت أرى أشلاء السائق وجثته تتقطع وتتطاير في الهواء. هالني المنظر.. فلقد مرت بي حوادث كثيرة ولكن الذي رأيت كان فوق تصوري.. وجمت للحظات.. أفقت بعدها على صوت بعض المسافرين وهم يرددون : لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون.. قلت في نفسي : كيف لو كنت مكان هذا الشاب.. كيف أقابل ربي.. بلا صلاة ولا عبادة ولا خوف من الله .. أحسست برعدة شديدة في جسمي ثم لم أستطع قيادة السيارة إلا بعد ثلاث ساعات.. بعدها أوصلت الركاب إلى المدينة وعدت إلى جدة.. وفي الطريق أديت صلاة المغرب والعشاء وكانتا أول صلاتين أصليهما في حياتي. دخلت إلى منزلي.. وقابلتني زوجتي.. فرأت تغيرا واضحا وجليا في هيئتي ظنت بأني مريض فصرخت في وجهي: " ألم أقل لك اترك هذه الحبوب.. حبوب البلاء إنك لن تدعها حتى يقصف الله عمرك فتذهب إلى النار.." كانت هذه الكلمات بمثابة صفعات وجهتها لي زوجتي فقلت لها: أعاهد الله أنني لن أستعمل هذا الخبيث.. وبشرتها بأني صليت المغرب والعشاء وأني تبت إلى الله وأجهشت بالبكاء.. بكيت بكاء مرا وشديدا. أيقنت زوجتي أني صادق فيما أقول فما كان منها إلا أن انخرطت تبكي قبلي فرحة بتوبتي ورجوعي إلى الحق. في تلك الليلة لم أتناول عشائي.. نمت وأنا خائف من الموت وما يليه.. فرأيت فيما يرى النائم أني أملك قصورا وشركات وسيارات وملايين الريالات.. وفجأة .. وجدت نفسي بين القبور أنتقل من حفرة إلى حفرة أبحث عن ذلك الشاب المقطع فلم أجده.. فأحسست بضربة شديدة على رأسي .. أفقت بعدها لأجد نفسي على فراشي. . تنفست الصعداء وكان الوقت قد جاوز منتصف الليل.ز قمت وتوضأت وصليت حتى بزغ الفجر.ز فخرجت من البيت إلى المسجد ومنذ ذلك اليوم وأنا – ولله الحمد – ملتزم ببيوت الله لا أفارقها وأصبحت حريصا على حضور الندوات والدروس التي تقام في المساجد وأحمد الله أن هداني إلى طريق السعادة الحقيقية والحياة الحقة .